المستقبل الإلكترونيه
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

المستقبل الإلكترونيهدخول

منكم وإليكم.. لتعبر عنكم


هل تحوّلت العيونُ و القلوبُ عن القدس؟

14032012
هل تحوّلت العيونُ و القلوبُ عن القدس؟

ليس الاحتلال الصهيونيّ بحاجة إلى ذريعة لاستمرار مكائده، و لا ينتظر فرصة، و لا يعمل خلسة في غيبة من اهتمام العرب أو انشغالهم؛ فهو يعلم بالتجربة أنّ غضبة العرب- إن حصلت- لإخوانهم و مقدّساتهم- موسميّة وقتيّة محدودة الأثر، و هو يقابل ردود الفعل المتواضعة بخطط طويلة الأمد، تُنفّذ على مراحل دون مبالاة بقوانين دوليّة أو إنسانيّة!!

تقرير حال القدس 4 الذي يغطّي أواخر العام الماضي، الذي انشغل العرب فيه بربيعهم، سواء بالفعل و التّغيير في الدّول التي طالها التّغيير، أو بالفرجة و المساندة و الانتظار في الدّول التي لم تصلها الثّورات، يبيّن قيام العدوّ الصّهيونيّ بحملات تهويد واسعة النّطاق؛ فعلى الجانب الاستيطانيّ يظهر التّقرير أنّ الاحتلال أقرّ بناء ما يزيد على (300) وحدة استيطانيّة، و كشف التّقرير عن مخطّط لبلديّة الاحتلال في القدس لبناء ما يزيد على (60) ألف وحدة سكنيّة خلال العشرين عامًا المقبلة 88% في شرقيّ القدس، و الغريب أنّ هذه المشاريع، و هذا البناء مستمرّ على الرّغم المطالبة باستمرار المفاوضات و تجاوز ملفّ الاستيطان، مع ليونة و استعداد المفاوض الفلسطينيّ للقبول بذلك!!!

و في الوقت الذي نجحت فيه الهبّة الشّعبيّة في كلّ من الأردن و مصر، و مناشدة الهيئات الدينيّة و تحرّك الحكومة الأردنيّة بوصفها المشرفة على المسجد الأقصى و أوقافه في تأجيل هدم تلّة الغاربة و جسرها المؤدي إلى قلب المسجد الأقصى، إلاّ أنّ إسرائيل استصدرت قرارًا قضائيًّا يمكنها من ذلك، و قد تعمد إلى تنفيذه في أي وقت.

أمّا على صعيد مشروع تهويد القدس و الأحياء المحيطة بالمسجد الأقصى؛ فقد قرّرت الحكومة بناء مجمع سياحيّ في سلوان جنوب المسجد الأقصى، و أعلنت عن خطّتها في توسيع مستوطنة (غيلو) جنوب القدس ببناء (500) وحدة سكنيّة جديدة، و هذا يأتي ضمن الرّؤية الصّهيونيّة للقدس كعاصمة وحيدة و موحّدة لدولتهم، يلخّصها حديث نتنياهو أمام الكنيست "نحن نبني في القدس؛ لأنّه من حقّنا والتزامنا، وليس عقابًا، بل كحقٍّ أساسيّ لشعبنا في البناء في عاصمته الأبديّة".

أمّا على الصّعيد الإنسانيّ فقد زاد الاستهداف المتواصل للفلسطينيّين، و برزت محاولات بعض النّواب الإسرائيليِّين استصدار قانون يمنع رفع صوت الآذان في الأماكن و الأحياء المختلطة، التي يسكنها مسلمون و يهود، و بالذّات البلدة القديمة في القدس، و سوّغ ممثلو دولة الاحتلال موقفهم بالحرص على راحة مواطنيهم، و عدم إزعاجهم، و إخافتهم، و التّماهي مع الموقف الأوروبيّ السّابق إلى هكذا خطوات! و كذلك سجّلت الفترة التي يغطّيها التّقرير وتيرة متزايدة في الاعتداءات التي ينفّذها المستوطنون في إطار العمليّات الانتقاميّة، التي تُعرف بحملات "جباية الثّمن"، أو "فاتورة الحساب"؛ إذ تعرّض المقدسيّون لأكثر من (4) حوادث مسجّلة من اعتداءات مجموعات المستوطنين تحت مسمّى هذه الحملة الانتقاميّة، كان أبرزها إشعال مجموعة من المستوطنين النّار في مسجد عكاشة، مما أدّى إلى احتراق الجدران الخارجيّة للمسجد التي ترك عليها المعتدون شعارات معادية للعرب والمسلمين، ومسيئة للنّبيّ محمد (صلّى الله عليه وسلّم). وغالبًا ما يبقى الفاعلون مجهولين، و إذا قُبض عليهم شكليًّا، لا ينالون العقاب.

و على المستوى الاقتصاديّ يظهر التّقرير وصول معدّلات الفقر في شرقيّ القدس إلى مستويات قياسيّة غير مسبوقة؛ إذ زادت نسبة الفقراء بين السكان العرب في مدينة القدس بنسبة 12% عمّا كانت عليه عام 2008؛ أيْ أنّها بلغت حدًّا يُقارب 75% من إجماليّ سكّان القدس، وذكر التّقرير أنّ ما يُقارب 84% تقريبًا من الأطفال العرب في القدس فقراء، فيما بلغت نسبة البطالة حوالي 22%. إنّ هذه الأرقام تعني وجود أكثر من (180) ألف فقير في القدس المحتلّة، جلّهم من الأطفال، يحصلون على دخلٍ أقلّ من الحدّ الأدنى.

أمّا قضيّة نوّاب القدس ووزيرها السابق فقد شهدت المزيد من تمادي الاحتلال؛ إذ قرّرت المحكمة العسكريّة إبعاد النائب المقدسي أحمد عطون إلى مدينة رام الله، و تبع ذلك هدم خيمة الاعتصام، و اختطاف النائب محمد طوطح، و الوزير خالد أبو عرفة؛ تمهيدًا لمحاكمتهما بتهم ملفّقة، و إبعادهما عن القدس لتفريغها من سكّانها و من الشّخصيّات القياديّة.

و لم يعد الصّراع على القدس بين الطرف الفلسطينيّ العربيّ و الإسرائيليّ، بل دخلت القوّة العظمى أمريكا إلى الدائرة، و أصبح الحصول على رضا اللوبي الصّهيونيّ الأمريكيّ من قبل المتنافسين الرّئاسيّين يقتضي بالضّرورة إقرار و دعم مشاريع التّهويد و يهوديّة الدّولة.

و في ظلّ الخطورة و التّهديد المستمرّ للقدس و المسجد الأقصى نتساءل: هل نحتاج إلى اقتحام جماعات متطرّفة للمسجد حتى تعود القدس و مقدّساتنا إلى صدارة اهتمام المشهد الإعلاميّ و السّياسيّ و الشّعبيّ؟! و هل القدس و المسجد الأقصى مجرّد خبر إعلامي يسترعي انتباهنا إذا حضر و تغيب إذا غاب؟! ألا ندرك أن هناك مشاريع تهويديّة تحصل فوق الأرض و تحت الأرض، دون أن نراها أو نأبه لها، قد تتعاظم يومًا ما، حتى يبلغ الإسرائيليّون غايتهم في هدم المسجد الأقصى و بناء الهيكل؟!

لا بأس أن يتّهم العرب بتحرير أوطانهم من ربقة الاستبداد الذي استعبدنا أكثر من الاحتلال، بل جعلنا فريسة له بشرط أن تتوجّه الأنظار و القلوب و الطّاقات، قبل و أثناء و بعد ذلك نحو مشروع الأمّة العربيّة و الإسلاميّة الأكبر في تحرير فلسطين و المقدسات، فقد قام أبو بكر بإيقاف جيوش الفتح كلّها، و أرسل إلى خالد بن الوليد يستحثّه على الإسراع إلى الشّام لفتح بيت المقدس، و جاء في رسالته "والله لقرية من قرى الأرض المقدّسة يفتحها الله علينا أحبّ إلينا من رستاق من رساتيق العراق"، و كذلك فعل صلاح الديّن الأيوبيّ الذي وحّد مصر و الشّام، و انطلق بأهل البلدين نحو الفتح المقدسيّ العظيم.

و عزاؤنا و بُشرانا أنّ صنّاع الثّورات و أبطالها لم ينفكوا يذكرون القدس و فلسطين في شعاراتهم، و بعد انتصاراتهم، و يعدونها بالعودة و التّحرير، (وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ قَرِيبًا).
المصدر:الإسلام اليوم.
د.ديمة طارق طهبوب.

تعاليق

لا يوجد حالياً أي تعليق
remove_circleمواضيع مماثلة
privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى